يُحكى أن رجلًا كان يملِك وزةً عجيبة تبيض كل يوم بيضةً من ذهب، وكان يسعد بذلك وينتظر هذه البيضة كل يوم بفارغ الصبر.
حتى جاء اليوم الذي قرر فيه الحصول على كل البيض الموجود في الوزة دُفعة واحدة فلم يطق صبرًا حتى قام وشق بطنها ليكتشف أنها فارغة، فلا هو بالذي أبقى عليها ولا هو بالذي رضي ما كان يأتيه كل يوم.
ربما سمعنا بهذه القصة الخيالية فيما مضى وأصابنا الحزن لأجل الوزة وصاحبها.
ونتسائل: كيف انساق صاحب الوزة وراء رغبتة الجشعة، وتعجل في الحصول على ما قُسِم له من الرزق وخسر كل ذلك؟؟ وننسى أننا في كثير من الأحيان لا نختلف عنه في شيء..
فالموظف الذي يستخدم الأساليب الملتوية للصعود، وتحصيل الترقيات ويخسر الكثير من الصداقات، ويتسبب في العديد من العداوات؛ لا يقل سوءًا عن صاحب الوزة..
والذي يأكل الربا ويتعامل بالرشوة، أو بالمعاملات المحرمة وينصرف عن الكسب الحلال استعجالًا لجمع المال، فهو من ذلك القبيل أيضًا..
ومنهم من يتسبب بفصل زميله بالعمل ليأخذ مكانه ويُقلل عدد المنافسين له بالشركة ليضمن له رزقه ومكانته كما يزعم..
اعلم يا صديقي أنك لن تغادر هذه الحياة حتى تستوفي رزقك المقدر من الله تعالى، وأنك إذا استعجلت الرزق وسعيت به بالطرق الملتوية وظلم الآخرين فلن تضر إلا نفسك، ولن تغادر هذه الحياة إلا وفي رقبتك هذه المظالم والأوزار التي ستجد أثرها في حياتك قبل دخولك قبرك وقبل الحساب يوم القيامة.
وقد يُبتلى الإنسان ويخسر ما كان فيه من نعمة وخيرات بسبب المال الحرام أو بدعوة مظلوم.
وليس الرزق كما يظنه البعض محصورًا في المال والدراهم فقط، بل الرزق يشمل الصحة والعافية والذرية وصلاح الأبناء والمسكن والوظيفة والأهل والأصحاب ونعمة الأمن والعقل وغيرها من نعم الله تعالى، والتي قد حُرم منها غيرك، والذي يتمنى الواحد منهم أن يمتلك نصف ما عندك.
فاحمد الله تعالى على ما عندك، ولا تستعجل ما قُدر لك، واسع في تحسين وضعك دائماً بما يرضي الله تعالى.
وتمهل قبل أن تقع فيما وقع فيه صاحب الوزة فتخسر الوزة والبيض كله.
وكما قيل: من لم يعتبر بغيره *** صار عبرة لغيره.