المرشد الأكاديمي الصغير

تخرجت مروة من التعليم الثانوي بمعدل مرتفع وترتيب متقدم على مستوى المملكة، ومثل أي طالب متفوق لديه كموح عالي اختارت دراسة الطب البشري كخيار أول شعرت أنه الأنسب لها ويليق بمستواها الدراسي.

وحصلت على بعثة شاملة لدراسة الطب البشري، ولكنها وبعد مضي 7 سنوات من الدراسة تعثرت خلالها في العديد من المواد واضطرت لإعادة بعضها وتغير الجامعة حتى توقفت عن الدراسة وهي محبطة ومذهولة مما جرى وحصل.

وبقت عدة سنوات وهي تتألم من نظرات المحبطين وكلمات المشككين من حولها وبأنها فشلت ولم تبذل الجهد المطلوب، ولكن عندما جلست مع متخصص في الإرشاد المهني طلباً للاستشارة استوعبت سبب الخلل وأن الخلل في الأساس كان في الاختيار من الأساس.

وعزمت بعد التعرف على ذاتها وما يتناسب معها على اكمال المسير في تخصص اللغة الإنجليزية والترجمة وبدأت في مشوار جديد من النجاح والتميز بعد أن طوت صفحة الطب وما جرى فيها.

ومثلها كثير ممن قضى سنوات من المعاناة والتعثر في تخصصات لا تتناسب معهم بسبب الجهل بما يتناسب معهم من تخصصات ونقص المعرفة.

ومن هذا المنطلق، وتماشياً مع الأعداد الكبيرة من الخريجين سنوياً والمقبلين على الجامعة والذي يقابلها عدد أقل بكثير من المتخصصين في الإرشاد المهني فكرت في مقترح لإيجاد مرشد أكاديمي صغير في كل صف من صفوف المرحلة الثانوية، ولا يرتبط هذا المقترح بمملكة البحرين بل هو قابل للتطبيق في كل مكان.

والهدف هو تدريب عدد من طلاب المرحلة الثانوية (طالب واحد من كل شعبة ممن يمتلك الرغبة وحس القيادة والحكمة في التعامل مع مشكلات الغير) ليكونوا شعلة النور بين أقرانهم وزملاءهم، ويساعدوهم على فهم ذواتهم والتعرف على التخصصات الجامعية المناسبة لهم.

وجميل أن يوجد للمرشد المهني أو الأكاديمي بالمدرسة من ينوب عنه داخل كل صف وينقل التوجيهات والنصائح السليمة للطلبة أو على الأقل يكون هناك شخص يمتلك المعرفة للرد على المغالطات والأفكار الخاطئة عن الحياة الجامعية واختيار التخصص بين طلبة الصف الواحد وأيضاً في كل مكان يتواجد فيه الطالب سواء في محيطه الأسري أو الاجتماعي.

ومثل ما حصل مع مروة يحصل مع الكثيرين ممن يحملون فكرة خاطئة مفاردها أن الطالب المتفوق أمامه خياران لا ثالث لهما إما الطب أو الهندسة، ويصعب الوصول لجميع الطلبة وتوضيح مثل هذه المغالطات لهم من قبل شخص واحد يعمل داخل المؤسسة التعليمية.

آلية مقترحة للمبادرة

  1. يتم اختيار طالب من كل صف من صفوف المرحلة الثانوية وفق ترشيحات المعلمين والمشرفين على الطلبة (ويمكن الاقتصار على طلبة التوجيهي فقط).
  2. يتم عمل مقابلة للطلبة المرشحين للتأكد من مدى جديتهم وتقبلهم للعمل وكونهم مستشارين مؤتمنين للغير.
  3. عمل مقابلات مطولة للطلبة للتعرف على شخصياتهم وارشادهم أولاً لما يتناسب معهم من مجالات وتخصصات قبل دخولهم لمجال إرشاد الغير.
  4. عمل ورشة تدريبية مبسطة للطلبة تشمل الموضوعات التالية: –
    • أساسيات المقابلة الناجحة والتعامل مع الآخرين.
    • فهم الشخصيات وفق نموذج هولاند ونموذج مايرز بريدج.
    • تطبيق اختبارات الميول المهنية والتعرف على الاختبارات المعتبرة.
    • التعرف على العوامل المؤثرة على اختيار التخصص الجامعي المناسب.
    • دراسة حالات عدد من الطلبة والطالبات لفهم أوجه الخلل والقصور عندهم.
    • التعرف على متطلبات واشتراطـات الجهات المانحة للبعثات والمنح الدراسية.
    • التعرف على اشتراطات الدراسة بالخارج ومعرفة الجهات القائمة على هذا الدور.
    • اشراك الطلبة في عدد من الزيارات الميدانية والتربوية للجامعات والمؤسسات المختلفة.

ويشترط لمن سيقوم بعمل هذ المبادرة داخل المؤسسة التعليمية أن يكون متمكناً من المجال وليه سعة علم واطلاع (ويُفضل شهادات متخصصة في ذلك)، وخبرة لا تقل عن 5 سنوات بتخصص الإرشاد المهني والأكاديمي واختيار التخصص الجامعي، ولديه المعرفة الوافية على تدريب المواضيع المطروحة أعلاه أو القدرة على التنسيق مع أشخاص وجهات تقوم بهذا الدور أو جزء منه.

فما رأيكم بهذا المقترح؟

وهي يمكن تطبيقه بالمدارس الثانوية من واقع خبرتكم؟