ما الهدف الذي تعيش من أجله وتستيقظ كل صباح للقيام به؟
أهو مجرد الذهاب للمدرسة أو الجامعة أو العمل؟
ماذا لو انتهيت من الدراسة؟ أو تقاعدت من العمل فهل ستكون لك غاية لتعيش من أجلها؟
سؤال يحتاج كل منا التفكر فيه والتأمل، ما الجدوى التي أعيش لأجلها؟ وما هو الأمر الذي أهتم به؟
قد يكون بناء أسرة سعيدة، أو تنشئة أبناء صالحين وعلى دين وخُلق ومن بعدهم الأحفاد، وقد يكون بناء شركة أو مشروع ناجح يكون سبباً في رزق عشرات من الأسر، وقد يكون أوقاف ومشاريع خيرية تتركها من بعدك وينتفع به المسلمين، وغيرها كثير من الأهداف النبيلة والسامية.
ولكن أن يعيش الإنسان حياته من بعد التقاعد في مشاهة الأفلام ومالا فائدة منه، أو مجالس القيل والقال والنميمة طوال الوقت، أو يرجع كالمراهقين ويلهث خلف الملذات والمنكرات فهذا أمر معيب خصوصاً في هذا السن.
ولو جلست تتأمل حياة من أفنى حياته لغاية وهدف نبيل لوجدت العجب من سيرهم وحياتهم.
فهذه لطيفة الهاجري أم عبدالله أو بنت الهاجري والتي يعرفها الفقراء في مملكة البحرين، فكم ساهمت من خلال حسابها في الإنستغرام ومعارفها في مساعدة الفقراء والمحتاجين، وعلاج المرضى وترميم بيوت الأسر الفقيرة وغيرها كثير من المشاريع التي تستلزم عدة أشخاص للقيام بها، فكانت تقوم بكل ذلك لوحدها دون كلل ولا ملل، وحين وفاتها حزن عليها الجميع وتذكرها كل من تعامل معها ومن وصلته المساعدة من طرفها رحمها الله وغفر الله لها.
وهذا عبدالرحمن السميط رحمه الله درس الطب وعمل بها مدة ثم لمّا رأى حجم الجهل والتخلف والمرض المتفشي في القارة السواء حسم أمره وتوجه للعمل الإغاثي والدعوي في أفريقيا لسنوات طويلة حتى توفي رحمه الله وهو على ذلك، وكان سبباً في إسلام 15 مليون إنسان وبناء المئات من المساجد والجوامع ومراكز رعاية الأيتام والمستشفيات الصغيرة والكبيرة وبناء جامعة الأمة وغيرها كثير.
وهذا الشيخ ابن عثيمين وهو في آخر عمره وفي أشد حالات المرض والألم لم يترك التعليم والإفتاء حتى توفي رحمه الله وقد أفنى حياته في طلب العلم وتعليمه وإرشاد الناس والإجابة على اسئلتهم، وكم قد ترك من مؤلفات ومن أشرطة ومن طلاب علم يُدرسون العلم ويعلمون الناس إلى يومنا هذا.
وغيرهم كثير من الرجال والنساء ممن عاشوا لغاية كبيرة أكبر من مجرد الأكل والشرب والنوم واتباع الملذات.
قد يقول قائل: وهل تُحرم أنت كل ذلك على الناس وتجبرهم على حياة التضحية والبذل والتعب؟
فأقول ليس هذا المقصد، وشتان بين من يأكل ويشرب وينام ويأخذ المباح من الملذات بقدر ليعيش ويعمل ويؤثر، ومن جعل ما سبق هو هدف حياته واهتماماته لا أكثر.
وفي الختام أنصحكم بقراءة كتاب مشروع العمر للمؤلف المميز مشعل بن عبدالعزيز الفلاحي ففيه بيان الخطوات العلمية والنظرية لاكتشاف المشروع الذي يمكنك العيش من أجله وكيف تخطط له وتبدأ في بناءه والعيش له.