اختيار التخصص الجامعي : العوامل المؤثرة (4)

تؤثر على الطلبة في المرحلة الثانوية والمُقبلين على الجامعة الكثير من المؤثرات الخارجية التي تدفعهم دفعاً لتخصصات معينة أو لترك تخصصات أخرى، ويجد الطالب نفسه في بعض الأحيان أمام خيار صعب وسط ترقب الكثيرين من حوله ووسط اللوم والعتاب الذي يناله بسبب اختياره، فهذا طالب متفوق دخل لتخصص الطب البشري تحت ضغط المجتمع والأهل والأصدقاء وهو يعلم أن مجال الطب لا يتناسب معه عن معرفة وقناعة لا مجرد العناد مع حُبه الشديد ورغبته الكبيرة بتخصص الحاسوب، وفي هذه الظروف التي عاشها أنهى دراسة الطب بصعوبة بالغة وبمعدل مُتدني وبيقين جازم بأنه لن يعمل في هذا المجال مُطلقاً، وتوجه بعد ذلك لدراسة الحاسوب من البداية ولم تُجدي نصيحة من حوله بجعل الحاسوب هواية جانبية أو مجال ثانوي، وهذه حالة واحدة قد لا يصلح جعلها مقياس عام لجميع الطلبة فبعض ممن دخل تخصصات وهو مُرغم عليها اكتشف أنها تناسبه وصار من المبرزين فيها وذلك بسبب جهله المُسبق بالتخصصات التي تناسبه وبالعوامل التي تؤثر على اختياره من الأساس.

فهل نترك مسألة الاختيار للصُدف أم الأولى البحث والنظر في العوامل المؤثرة في اختيار التخصص ليكون الاختيار عن قناعة ومعرفة مُسبقة، وهذه تكملة العوامل المؤثرة في اختيار التخصص وختام الحديث عنها وأذكر منها:

نظرة المجتمع: يعتقد الكثير من الناس و الطلبة المُقبلين على التخرج أن تخصصي الطب والهندسة هما أعلى التخصصات في المجتمع والتي ينال خريجوها المكانة العالية في المجتمع، ولو جاء طالب متفوق ومن الأوائل في المرحلة الثانوية وصرح برغبته بدراسة مجال علوم الحاسوب والبرمجة أو تخصص اللغة الإنجليزية لناله الكثير من اللوم والعتاب على إضاعة المعدل في تخصصات سهلة كما يقال أو تخصصات يمكن اعتبارها كهوايات جانبية، وهذا من الأخطاء الكبيرة التي يقع فيها الشباب في اختيار التخصص وليس كل ما يعتقده الناس ويراه الأغلبية هو الصحيح دائماً.

كلام الناسيسمع الطلبة المقبلين على الجامعة الكثير من النصائح والمعلومات عن واقع السوق من مصادر كثيرة ومتنوعة حولهم، وقد يجد من ينصحه بدخول تخصص ما باعتباره من التخصصات المطلوبة في السوق وسيجد بعدها الوظيفة المضمونة وغير ذلك من المقولات التي ترد على الطلبة في مرحلة اختيار التخصص الجامعي، وقد كنت فيمن اتبعت نصيحة أحد الأقارب بدخول تخصص نظم المعلومات الإدارية بالجامعة لوجود طلب كبير عليها في السوق حينها كما قيل لي ولأنها من التخصصات الجديدة فاكتشفت بعد التخرج والبحث عن وظيفة أن هذا الكلام بعيد عن الصحة، فلم يكن عليها طلب في السوق أصلاً وليست من التخصصات المطلوبة في السوق في تلك الفترة ولا أعتقد أنه سيكون عليها طلب في المُستقبل، وأرقام الطلبة العاطلين المتخرجين من هذا التخصص والمسجلين في وزارة العمل رسمياً والعاملين في غير تخصصاتهم من خريجي هذا التخصص خير دليل.

والأولى على الطلبة البحث والسؤال عن مصادر المعلومات المقدمة لهم عن سوق العمل والوظائف، وقد يشير البعض إلى الصحف اليومية كمصدر للمعلومة التي يُدلي بها، وحينها يمكن طلب المزيد من الايضاح عن اسم الجريدة ونص الخبر والجهة التي أصدرت الخبر وهل هو الذي قرأ الخبر أو نُقل إليه. كذلك لو قيل إنها منشورة في الانترنت ووسائل التواصل الاجتماعي فهذه الإجابة لا تكفي خصوصاً مع انتشار الكثير من الحسابات والمواقع بأسماء وهمية أو مُستعارة ولابد من التأكد من مصدر الخبر المنقول وصحته، وقد يشير بعض الناصحين للطلبة حول واقع سوق العمل بأن هذه المعلومة انتشرت وصار الجميع يتحدث عنها وليست كل ما انتشر بين الناس صحيح وقد يكون إشاعة أو خبر مجهول المصدر. فلابد من التأكد من مصدر المعلومات والجهة المُصرحة بالخبر قبل الاعتماد عليه مع الأخذ ببقية العوامل المؤثرة على اختيار التخصص كالرغبة والقدرة وغيرها، فلا يصلح اختيار التخصصات التي يوجد عليها طلب في السوق وهي لا تناسبك من الأساس.

وفي الختام أسأل الله تعالى أن يُلهمكم الاختيار السديد والتخصص الذي يُلبي تطلعاتكم