اختيار التخصص الجامعي : العوامل المؤثرة (3)

يعتقد بعض الطلبة أن باستطاعتهم النجاح في أي تخصص يتوجهون إليه لو امتلكوا العزيمة والرغبة في ذلك مُتجاهلين الكثير من العوامل التي قد تؤثر على نجاحهم واستمرارهم في تلك التخصصات، ومنها ما يتعلق بالقدرات التي يمتلكها الطالب وطبيعة شخصيته والمعتقدات التي يحملها عنه، وبالرغم من أهمية العزيمة والرغبة إلا أنهما عامل مساعد ولا يكفي امتلاكهما للنجاح، وهذا ما سيتم عرضه والاشارة إليه في هذا المقال استكمالاً للعوامل التي تؤثر على الطلبة في عملية اختيار التخصص وأذكر منها:

المهارات والقدرات: تعتمد بعض التخصصات على امتلاك الشخص مهارات وقُدرات معيّنة قبل التوجه إليها، فمجال التصميم العماري يتطلب من لديه مُخيلة واسعة وقدرة على الإبداع والرسم، ومجال طب الأسنان يتطلب خفة باليد والقدرة على التعامل مع مُختلف الأجهزة الدقيقة والحساسة مع ثبات اليد، وافتقار عدد من الطلبة إلى هذه القدرة أو المهارة دفعهم إلى الخروج من هذا المجال، ويُنصح الطلبة الراغبين في دخول مجال طب الأسنان بالتواصل مع الأطباء العاملين في المجال للتعرف على المهارات المطلوبة وبيئة العمل ومُتطلبات النجاح فيه قبل التوجه له، ويمكن الرجوع إلى جمعية الأطباء البحرينية بمنطقة الجفير للحصول على المزيد من المعلومات حول تخصص طب الأسنان والطب البشري بشكل عام.

نمط الشخصية: تتطلب بعض التخصصات أنماطاً مُعينة للعمل فيها والتوجه لها من الأساس، فعلى سبيل المثال يتطلب تخصص الطب النفسي وطب الأطفال ومهنة التمريض والخدمة الاجتماعية امتلاك الشخص للصبر والقدرة على تحمل الآخرين ومحبة مساعدتهم وتقديم الدعم لهم والرفق بذلك، ولا ينفع لهذا المجال من يتصف بالشدة والغلظة والعصبية، وفي المقابل لا يصلح الشخص الذي يتصف بالتسامح والطيبة الشديدة مع الآخرين لتدريب منتخب رياضي أو لمجال المحاماة.

وليس المقصود فيما سبق أن كل إنسان لديه عصبية لا يختار تخصص الطب فقد تكون العصبية سلوكاً مُكتسباً أو عادة تعود عليها الطالب نتيجة ظروف معينة تعرض لها في حياته ويمكن تغييرها.

المُعتقدات الخاطئة عن التخصصات: انتشرت مقولة بين الطلبة وأولياء أمورهم بأن مجال الطب يحتاج للحفظ ومجال الهندسة يحتاج للفهم، وصارت مثل هذ المعتقدات العامة التي لا تستند لدليل عند البعض من المُسلمات التي لا تقبل النقاش، والصحيح أن كلا التخصصين يتطلبان مهارات متنوعة ولايمكن وضعهما في قالب جامد هكذا، فالطب يحتاج لحفظ المصطلحات وأسماء الأدوية والأمراض ويحتاج كذلك إلى فهم طبيعة جسم الانسان وعمل الأعضاء وتأثير الأمراض والأدوية على الجسم وغير ذلك كثير. كما يتطلب عمل الطبيب الكثير من المهارات الاجتماعية كمهارة التعامل مع المرضى والزملاء العاملين في المجال وقبل ذلك الخوف من الله ومراعاة خصوصية المرضى والأمانة في التعامل وغير ذلك من المهارات والمتطلبات اللازمة لنجاح الطبيب في مهنته وقبل ذلك في دراسته، والأمر كذلك ينطبق على الهندسة.

ونكمل بقية العوامل في مقالات قادمة بإذن الله، وأسأل الله لكم كل التوفيق