ينظر القليل من الطلبة الى الفرص المتاحة للتخصص الذي يرغبون في اختياره ومتوسط الأجور للعاملين فيه، وبالرغم أن هذه الأمور تتغير من عام الى عام إلا أن النظر إليها عامل مهم للاختيار. فعلى سبيل المثال تصل رواتب العاملين في مجال هندسة الطائرات بعد 3 إلى 5 سنوات من العمل الى 3 آلاف دينار مع العلاوات، وفي الطرف المقابل وصل عدد الطلبة الخريجين من مجال هندسة الطائرات وصيانتها والمسجلين في قوائم الانتظام الخمسمئة مهندس في المجال كما أخبرني بذلك أحد المهندسين العاملين في مجال هندسة الطائرات وصيانتها. فليست القضية مرتبطة فقط بالمجال الذي يُحبه الطالب وحسب ولابد من النظر إلى التخصص من جميع الزوايا قدر الإمكان، واستكمالاً للعوامل التي تؤثر على الطلبة في عملية اختيار التخصص أذكر منها:
الفرص المتاحة: تختلف الفرصة من سنة إلى سنة ويصعب التنبؤ بالمستقبل البعيد بشكل دقيق، والواقع الحالي الذي يعيشه الطالب حالياً ويجد فيه الطلب على بعض التخصصات الآن قد لا يستمر الى حين تخرجه من الجامعة بعد 4 سنوات فالمتطلبات تتغير، والواقع يشهد أن المتميز في أي مجال يحصل على فرصة له في المجال سواء كانت في عمل وظيفي أو في مجال الأعمال الحرة، وهذا لا يعني أن يلجأ الإنسان للتخصصات دون مشورة وبحث وتفكير، فاختيار مجال هندسة الطائرات في ظل وجود أعداد كبيرة مُسجلة في صفوف العاطلين وقلة الجهات التي يمكن العمل بها بهذه الشهادة ليس بالخيار السديد، ويشق على حامله العثور على الوظيفة المناسبة في غير المجالات المتعلقة بالطائرات. فالوظائف المعروضة قليلة في المجال والطلب عليها كبير جداً والمنافسة فيه صعبة للغاية.
المردود المالي: ينظر الكثير من الطلبة الى المردود المالي للتخصص الذي يطمحون إليه ويعتقد الكثير من الشباب المردود المالي يوجد فقط، وقد وُجد عدد من خريجي الطب والهندسة في وظائف عادية ذات دخل متوسط مقارنة مع بقية العاملين في مختلف التخصصات، ومنهم من لا يحقق إلا الدخل اليسير لضعف مستواهم أو عدم رغبتهم في المجال من الأساس ومحبته، ولا يعني ذلك عدم وجود مهندسين وأطباء يحققون الدخل المرتفع بل القصد تصحيح المفهوم السائد بين الطلبة، وكم من تخصص لا يُقبل عليه الطلبة بكثرة ولا يلتفتون له يجني صاحبه الكثير الكثير من الأموال اذا أحسن الاختيار والنظر للفرص المتاحة. فقد يحصل الطالب الخريج من تخصص ميكانيكا السيارات والمحب للمجال وهو مع ذلك قد بذل في تعلمه واتقانه الكثير من الوقت على فرص كثيرة ذات مدخول جيد، وقد يعمل في مجال إصلاح السيارات القديمة وترميمها وإعادة بيعها، وقد يفتتح محل لصيانة السيارات وصباغتها، وغيرها من الفرص الذي يجدها المتميز والمبدع في مجاله وتخصصه. فالمردود المالي عامل مهم يُنظر فيه مع النظر لقدرات الشخص والفرص المستقبلية وبقية العوامل.
بيئة العمل وطبيعته: بعض الوظائف قد تتطلب نظام عمل غير منتظم (نوبات) والبعض الآخر قد يتطلب السفر وكثرة التنقل من منطقة لأخرى أو من بلد لآخر، وهذا العامل قد يرتبط ببعض التخصصات ارتباطاً وثيقاً فنظام العمل في مجال هندسة الطائرات وصيانتها يعتمد على نظام النوبات وقد تستمر نوبة العمل بشكل مستمر إذا حصل نقص في المهندسين والعاملين في صيانة الطائرات. كما يتطلب مجال هندسة الطائرات وصيانتها أقصى درجات الأمانة والمصداقية لتعلقه بأرواح الآخرين، والخطأ المتعمد أو التقصير المتعمد واتخاذ خطوة دون الرجوع للمسؤولين في المجال قد يتسبب في خسارة الشخص وظيفته في المجال كما حدثني أحد المهندسين القدامى العاملين في مجال هندسة الطائرات وصيانتها.
ونكمل بقية العوامل في مقالات قادمة بإذن الله، وأسأل الله لكم كل التوفيق