ما هي الوظيفة التي تحلم بها؟
إذا سألت هذا السؤال فغالب الأجوبة التي ستسمعها من الطلبة ستشمل: طبيب، جراح، مهندس، رائد فضاء، رجل أعمال، ضابط..
ومع القليل من النقاش مع هؤلاء الطلبة في اختياراتهم ستتبخر هذه الأفكار وترتسم الحيرة على وجوههم مجدداً.
سألت طالباً عما يريد أن يكون عليه مستقبلاً والوظيفة التي يريد العمل بها، فقال لي: أريد العمل في بنك.
سألته مجدداً لتحديد المجال وطبيعة المهام وكرر نفس الجواب فذكرت له أن رجل الأمن، وعامل النظافة، ومقدم الشاي والقهوة، والصراف، وموظف خدمة العملاء، والمبرمج، والمصمم، والمحاسب، ومختص العلاقات العامة، والموارد البشرية وغيرهم كثير كلهم يعملون في بنك!!
فسألته مجدداً ماذا تريد أن تكون من بين كل هذه الوظائف وقد ارتمت الحيرة على وجهه وقال: أريد أن أكون محاسباً بالبنك.
ومع القليل من النقاش عرفت أن الدافع الذي دفعه للتمسك بخيار العمل في البنك ما قيل عن المردود المالي الكبير لموظفي البنوك، وهو كلام غير دقيق لاختلاف المناصب والوظائف والإختلافات بين البنوك نفسها في المُرتبات!!
ومن هنا تأتي أهمية السؤال والبحث عن خريجين وأشخاص يعملون في هذا التخصص لسؤالهم والتعرف على التخصص وتكلفته والمهام الوظيفية المطلوبة.
فلو كنت راغباً في دراسة مجال الطيران فتواصل مع من درس هذا المجال، ومن يعمل فيه سواء بشكل مباشر أو عبر حساباتهم في وسائل التواصل (انستغرام، تويتر وغيرها).
كما أنصح بالتواصل مع الجهات التي توفر دراسة الطيران والتدريب للطيارين للاستفسار عن التخصص وتكلفته وتجربة جهاز محاكاة الطيران (للعلم يسمح بتجربة جهاز محاكاة الطيران بمقابل مادي وتحت اشراف متخصصين في بعض الجهات منها أكاديمية الخليج للطيران بمملكة البحرين التي توفر هذه التجربة للطلبة).
والأمر ينطبق على كل التخصصات، سواء كنت تطمح أن تُصبح طبيباً على اختلاف التخصص، أو مُبرمجاً وخبيراً بالمجال التقني، أو مُهندساً في مجال من المجالات أو غير ذلك.
فقد صار خيارات التعرف على الوظائف أسهل من السابق بكثير، وهو إما سيدفعك للتخصص ويجعلك تتمسك به بشكل أكبر، أو تبتعد عنه وتبحث عن خيارات أخرى أنسب.
ونصيحتي إليك ألا تجعل نظرك قاصراً على التخصصات الشائعة والتي يتحدث عنها أكثر الناس، فهناك الكثير من الخيارات في الواقع.
وأختم بكلمة ملهمة ذكرها الدكتور ياسر بكار حول هذا الأمر في كتابه الجميل – كيف تختار تخصصك الجامعي – ذكر فيه: “عندما تبحث عن مهنة المستقبل فلا تكتفي بانطباعك أو انطباع من حولك عنها، بل انزل إلى أرض الواقع واستكشف هذه المهنة بنفسك، اذهب الى أصحاب هذه المهنة التي حددتها وتحدث اليهم، قم بمقابلة خريجين جدد أو متخصص في هذه المهنة وتحدث إليه لتكوين تصور واضح عن تلك المهنة، يحب الناس الحديث عن أنفسهم وعن مهنهم اذا سئلوا السؤال المناسب وفي الوقت والمكان المناسبين.”
الغريب أن الشباب أو الطلاب يكون هدفهم إضافة شيء جديد للعالم، المرتب والمردود المادي شيء ثانوي بالنسبة لهم، هكذا يكونون في بداية طريقهم أو قبل دخولهم عالم الوظيفة ثم يتغير بعضهم يكون هدفه الراتب، لكن إذا كان الطالب من البداية هدفه المردود المادي فهذه مشكلة