قصة مُلهمة في اختيار التخصص

يُقال: إن القصة تغني عن الكثير من الحكم والأقوال، وأنقل لكم قصة معبرة تحكي الواقع الأليم والمحير الذي يعيشه الكثير من الطلبة في اختيار التخصص الجامعي المناسب، وأنقل لكم قصة معبرة حول ذلك يحكيها الأستاذ عبدالكريم بن رياض العبدالكريم عضو هيئة التدريس – قسم علم النفس – بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض، وقد نقلتها بتصرف يسير وهي كالتالي: –

” لما كنت في نهاية الصف الأول ثانوي، قامت إدارة المدرسة بتخييرنا في اختيار مجال التخصص، سواء العلمي أو الأدبي، وكنت كــــــ (الكثير) من الطلاب لا أعرف الكثير من (قدراتي)، ولا أعرف كيف أصوغ (رغباتي)، ولم يتم شرح (الفرص الوظيفية) لنا بشكل كافٍ، سواء من المدرسة أو من قبل أهالينا. كنت أميل للمواد الأدبية، لكن كانت توصية أهلي أن أدخل المجال العلمي، فهو أكثر (فُرصاً) في المستقبل، وكانت العبارة السابقة عبارة عامة تقال لكثير من الأبناء دون تمييز بين رغباتهم وقدراتهم.

اخترت التخصص (العلمي) بناءً على رغبة والدي ووالدتي، وبتوصية من بعض الأقارب. درست في الصف الثاني ثانوي ونجحت، رغم أني لا أميل لبعض المواد بهذا التخصص، وفي الصف الثالث ثانوي قمت بتغيير التخصص للمجال (الأدبي) بناءً على ميولي.

لما تخرجت من المرحلة الثانوية جاءتني الحيرة المعتاد سماعها من خريجي المرحلة الثانوية، ما هو التخصص المناسب لي؟ كانت الحيرة كبيرة في اختيار التخصص المناسب، والنصائح العامة ممن حولي من الأهل والأصحاب زادت من الحيرة.

عندها وقعت بنفس الخطأ الذي وقعت به أيام دراستي في المرحلة الثانوية، وقمت باختيار تخصص (المحاسبة) بناءً على نصيحة بعض الأقارب بأن لها (فرصاً وظيفية) متعددة في المستقبل، لكن لم ألاحظ هل هي توافق (رغباتي) و (قدراتي) أم لا. درست فصلاً دراسياً بهذا التخصص ثم حذفت هذا الفصل الدراسي لعدم شعوري بالميل لتلك المواد، واحترت أي التخصصات ينبغي أن أقوم بالتحويل لها.

نصحني أحد الأصدقاء وأقنعني، أنه ما دمت أميل للمواد الأدبية، أن أتخصص ب (اللغة العربية) التي كنت أعشقها في المرحلة الثانوية، وأني سأكون مبدعاً في مجالي. فعلاً، قمت بالتحويل للغة العربية، ودرست فيها مدة سنتين وكان معدلي مرتفعاً، لكن خلال فترة دراستي، أدركت أني اخترت التخصص بناءً على (رغبتي) و (قدراتي) لكني لم أنتبه للــ (فرص الوظيفية) وندرتها في هذا المجال. (أذكر حينها تم الإعلان من قبل وزارة التربية والتعليم أنه يتم تعيين المعلمين لكافة التخصصات ما عدا خريجي اللغة العربية للاكتفاء).

قررت أن أغير تخصصي بعد ذلك الإعلان، ووقعت في الحيرة التي وقعت فيها أول مرة، ولم أتعلم من أخطائي، عندها استشرت بعض أصحابي وقاموا بإرشادي للتخصص في (الشريعة) فهي لها فرص وظيفية متعددة في المستقبل. قمت بالتحويل لهذا التخصص، وبعد فصل دراسي واحد أدركت أن (الفرص الوظيفية) جيدة بهذا التخصص، و(قدراتي) تساعدني للنجاح، لكن التخصص الشرعي ليس هو المجال الأنسب لـــ (رغباتي).

أذكر أني قررت التوقف عن الدراسة، ووصلت حينها ليأس كبير بسبب التخبط الذي حصل لي في حياتي الدراسية بعد أن كنت متفوقاً دائماً أيام المدرسة. شعور اليأس أحياناً قد يؤثر على مسيرة الأشخاص، خاصة بعد التجارب التي قد يعتقد الشخص أنها سلبية في حياته، لكن فيما بعد أدركت أن هذه التجارب كانت حافزاً لي للتقدم.

حينها قمت لأول مرة بالخطوة التي كان ينبغي على القيام بها في البداية، وهي البحث الحقيقي عن المجال الذي تجتمع فيه الخطوات الأساسية في اختيار التخصص المناسب: الرغبة + القدرة + الفرص الوظيفية المستقبلية. وكانت الخطوة الأنسب لتحديد ذلك، هي البحث عن ما يناسب شخصيتي ومعرفة الأنسب لي (أنا) عن طريق معرفة نقاط القوة ونقاط الضعف في شخصيتي، ومعرفة التخصصات التي يمكن أن تعزز الجوانب التي أميل لها وفقاً لأساسيات اختيار التخصص، وهذا ما كنت أحتاجه وأبحث عنه.

قررت حينها أن أتخصص في علم النفس، وهو التخصص الذي يوافق (رغباتي) و (قدراتي) وله (فرص وظيفية مستقبلية)، وفي أول يوم دراسي لي في هذا القسم وضعت هدفاً لي أن أكون متميزاً في هذا المجال، وكانت تجربتي السابقة دافعاً لي بشكل إيجابي، حينها كانت فترة دراستي ممتعة، وكثير من المواد التي أدرسها أفادتني وفقاً لرغبتي في هذا التخصص، والحمد لله واصلت دراستي وتخرجت بمرتبة الشرف. وتم تعييني معيداً بذات القسم الذي تخرجت منه.

شعور الفرح حينها كان كبيراً، وأجمل ما حققته أني تخرجت بالتخصص الذي أحب، وعملت بالمكان الذي تمنيت أعمل به يوماً ما. والآن أكتب لكم هذه الكلمات وأنا مُبتعث من الجامعة لدراسة الماجستير والدكتوراه خارج المملكة، وأرجو أن أحقق مرادي وأن أصل لما أرجو الوصول إليه، وهذه المرحلة وصلت لها بعد توفيق الله ثم باختياري تخصصي بناءً على خطوات اختيار التخصص الأساسية: الرغبة + القدرة + الفرص الوظيفية المستقبلية. وما أردته من سرد تجربتي، أني أرى كثيراً من الطلاب يحتارون في اختيار التخصص في المرحلة الجامعية، فأردت أن أساهم في إرشادهم بما قد يساعدهم في اختيار التخصص، وأن لا يقعوا ببعض الأخطاء التي قد يندمون عليها مستقبلاً، والاستفادة من تجارب الآخرين.”

ويمكنكم الحصول على الكثير من المقالات المعينة لكم على اختيار التخصص من خلال هذه المدونة، وفي حال كنتم في حيرة من أمركم ولا تعرفون كيفية اختيار التخصص المناسب فيمكنكم الحصول على نسخة إلكترونية من كتابي حول اختيار التخصص الجامعي المناسب بدولار واحد فقط.

رابط شراء الكتاب (حيران على أبواب الجامعة )

وفقكم الله جميعاً لاختيار التخصص الدراسي المناسب والتفوق في المرحلة الجامعية

2 thoughts on “قصة مُلهمة في اختيار التخصص

  1. السلام عليكم
    لقد قمت بقراءة هذا المجال الجميل والمؤثر ولدي سؤال وهو
    كيف يمكنني تحديد ما يناسب شخصيتي و نقاط قوتي و ضعفي ؟
    وجزاكم الله خيراً

Comments are closed.