تمر علينا في الحياة بعض القصص التي تحمل في طياتها الكثير من العبر والإلهام، وقد وقفت على تجربة طالب متميز ومحب للأنشطة العملية والعمل بيديه، اختار المسار الصناعي في المرحلة الثانوية وكان حبه وشغفه بالعمل بالسيارات والميكانيكا أحد المحركات لهذا القرار.
اجتهد في تعلم كل صغيرة وكبيرة في المجال وتجربة العمل وتنمية مهاراته وهو لا يزال بالمدرسة، واشترى أول سيارة له وهو في السنة الأخيرة بالثانوية بمبلغ 300 دينار كان قد جمعها من قبل ليبدأ في تنفيذ حلمه وشغفه بمجال السيارات.
لم يمض وقت طويل حتى أصلح العيوب والمشاكل بهذه السيارة وقام ببيعها وتحصيل أول مكسب له في هذا المجال، واستمر على هذه الطريقة يبحث عن السيارة المطلوبة بالسوق ويشتريها بسعر مناسبِِ ثم يبيعها بعد اصلاحها والعمل عليها بالقرب من منزله، وقد التقيت به لسماع تجربته وقد وصل بالسيارة رقم 15 عندما التقيت به.
وبالرغم أنه حصل على وظيفة مناسبة وهو يمارس شغفه إلا أنه لم يتوقف عن العمل والربح من هذا المجال.
في الحياة الكثير من الفرص، واغلب الشباب لا يرى إلا طريق العمل المكتبي والعمل الوظيفي بالمكاتب المكيفة، ويغفل عن الكثير والكثير من الفرص المليئة بالخيرات والمتاحة في كل مكان سواء في مجال الميكانيكا أو البرمجة أو التصميم أو الحرف اليدوية على اختلافها أو التدريب والتعليم وغيرها كثير..
قد لا تكون الفكرة أو المشروع مربحاً في بداية الأمر، ولكن مع العمل المستمر وامتلاك الرغبة والقدرة والشغف في العمل سيصل هذا المشروع لمستويات متقدمة مع الوقت بإذن الله.
الرزق متوفر ومتاح لكننا نغفل في كثير من الأحيان عن ايجاده وبذل الجهد المطلوب له، وقد يكون العائق الأكبر هو خوفنا من كلام الناس وامتناعنا عن العمل الشاق والبعيد عن بيئات المكاتب المريحة.
وكثيرة هي المؤسسات والشركات التي تقوم بتوظيف أعداد كبيرة من الخريجين كانت بداياتها في قصة كفاح وتضحية قام بها مؤسس هذه الشركة حتى يصل لهذا المستوى.
قد لا يستطيع الكل النجاح في تأسيس مشروع كبير والوصول لمستويات متقدمة، بل مجرد أن يكسب الإنسان الرزق الحلال ولو كان قليلاً في بداية الأمر لهو خير من الانتظار والبطالة.
وبدل الشكوى من البطالة والتحدث عن أمور لا نملك في الغالب القدرة على تغييرها، لماذا لا يكون تفكيرنا مُنصباً على المهارات والحرف التي يمكننا تعلمها واحترافها وجعلها مصدراً للعمل والكسب وبناء مسيرة مهنية فريدة ؟؟
الحياة مليئة بالفرص، وكل إنسان لديه مهارات وامكانيات فريدة، فابحث عما يناسبك، وليتنا علمنا الطلبة وهم في المدارس وبداية المرحلة الجامعية هذه الأمور لتحمل مسؤولية أنفسهم، ولتكون مثل هذه القصص الملهمة وقوداً لهم على الإبداع والعمل وبناء أنفسهم للمستقبل.