في زمن كثرت فيه الملهيات ووسائل التشتيت وهدر الأوقات، تبرز أهمية العمل بتركيز وتخصيص أوقات لذلك، والبعد عن الملهيات وتقليل أثرها في حياتنا، واكتساب المهارات والعادات التي ستساعدك على النجاح في هذا العالم المشتت، وهذا ما يتحدث عنه الكتاب الشيق: العمل العميق للمؤلف كال نيوبورت.
والكتاب على حجمه وغزارة المحتويات الموجودة فيه الا أنه كتاب يستحق كل ثانية تقضيها في قراءته، لأنه سيغير حالتك العقلية وطريقتك في العمل والتركيز والانتاج، وكيف أنتجت بعض الأعمال العظيمة في فترات زمنية قصيرة بسبب التركيز.
وقد ذكر المؤلف كيفية تطبيقه لعادات العمل العميق في حياته، والتي عرفها بالقدرة على التركيز دون تشتت على المهام المطلوبة، وكيفية اتقان المهارات والمعلومات في وقت أقل وبجهد أقل حتى تصل لمرحلة الاحترافية في مجالك أو ما أسماها المؤلف الحرفية.
كما يهدف الكتاب الى تقليل الهدر في أوقاتنا سواء كطلبة على مقاعد الدراسة أو كموظفين وأصحاب مشاريع وأعمال، فكم منا من إذا بدأ العمل على مهمة أو مشروع ما يبدأ في تصفح وسائل التواصل والبريد الالكتروني وتذكر ارسال رسالة واتساب والخروج لإحضار كوب من القهوة وغيرها ونحن لم نبدأ في المهمة أو للتو بدأنا بها.
ومما ذكره المؤلف في الكتاب نصائح ملهمة كقوله: “دع عقلك يصبح كالعدسة، مستعيناً بأشعة التركيز المجمعة؛ اجعل روحك تنهمك في التركيز على ما ترسخ بداخل عقلك كفكرة مهيمنة ومسيطرة بالكامل.”
ومما ذكره المؤلف كذلك: “كان العباقرة عظماء فقط لأنهم تمكنوا من جلب كامل قوتهم للتأثير في النقطة التي قرروا أن يظهروا فيها كامل قدراتهم.”
وقد ورد على ذهني أثناء قراءة الكتاب كيف كان علماء المسلمين السابقين والمخترعين يستخدمون هذه الطريقة في التركيز والتخصص في مجال أو حرفة ما والانتاج الغزير فيه، وكيف آثر بعض العلماء العزلة وحث عليها أكثر من المخالطة والتعرض للملهيات في ذلك الزمن.
وكم أتمنى أن يقوم شخص بدراسة سير العلماء المسلمين والسابقين للبحث عن أنماط العمل العميق وأثره في الانتاج والعطاء، ووضع مجموعة من المقترحات والطرق لمساعدة جيل اليوم للسير في طريق الانتاج والتركيز وتقليل الملهيات قدر المستطاع.