من هو حسن جناحي رحمه الله؟؟

لكل إنسان عمر محدود في هذه الأرض لا يعرف متى يرحل عنها ومتى قدر الله عليه الموت ونهاية مسيرته في هذه الحياة..

والكثير منا لا يزال يسوف ويؤجل الكثير من المشاريع والأعمال والبرامج وكأننا سنعيش أبداً وغفلنا أن الموت لا يستأذن أحداً..

وقد بلغنا الخبر المفاجئ بوفاة أخينا الشيخ #حسن_جناحي رحمه الله في آخر يوم من رمضان للعام 1441هـ غرقاً في البحر، فرحمه الله وغفر الله له وأسكنه الفردوس الأعلى من الجنة..

والحق يقال أن هذا الشاب قد جمع بين مجالات كثيرة وأثبت أن الشاب المسلم الملتزم يمكنه أن يقدم الكثير ويؤثر في المجتمع الأثر الإيجابي، فقد تخرج من جامعة البحرين من تخصص المحاسبة بإنجازات كثيرة أبرزها رئاسة المجلس الطلابي، وهو مع ذلك إمام جامع وحافظ لكتاب الله تعالى ومشارك في فريق البحرين للغوص التطوعي وغواص ومصور متميز، وقناته على اليوتيوب غنية عن التعريف، ومن أجمل ما كتب عنه وعن سيرته ما خطه الكاتب جمال الزويد بمقال مميز بعنوان “من مثل حسن؟” أنقل منه النص التالي:-

من هو حسن جناحي رحمه الله؟

هو شاب في العقد الثلاثيني من العمر نشأ في طاعة الله وفي رحاب مساجده ودروس العلم وحلقات الذكر وترعرع بمعية كتاب الله وتعهده بالحفظ حتى أكرمه الله بحفظ القرآن الكريم كاملاً وأصبح حسن من أهل الله وخاصّته مثلما بشّر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم :”إنَّ للهِ أهلين من النَّاسِ قالوا من هم يا رسولَ اللهِ قال أهلُ القرآنِ هم أهلُ اللهِ وخاصَّتُه” وأصبح رفيع القدْر ومحلا للإجلال والاحترام بما يحمله في قلبه من القرآن وقد قال خير البشر صلى الله عليه وسلم:”إِنَّ اللَّهَ يَرْفَعُ بِهَذَا الْكِتَابِ أَقْوَامًا وَيَضَعُ بِهِ آخَرِينَ”.

درس في جامعة البحرين ؛ فكان ملء السمع والبصر بين أقرانه ، محل تقدير أساتذته ، بنى علاقات متميزة بين منتسبي الجامعة حتى احتضنوه في أعماقهم مودة ومحبّة وانتخبوه لرئاسة مجلس طلبتهم إلى أن تخرّج بالبكالوريوس في المحاسبة.

هو إمام مسجد صفية كانو الذي استحوذ على قلوب المصلّين ليس بسبب حفظه للقرآن الكريم وحسن تلاوته وتجويده فحسب وإنما أيضاً لنبل تعامله معهم وصفو وداده لهم، أخاً رحيم لصغارهم وابنا بارّاً بكبارهم، وهو واعظ ومعلماً للقرآن الكريم في مراكز التحفيظ يستمتع بتعليم الأطفال آيات الله، يبذل ثمين وقته وجهده دون مقابل إلاّ ما يرجوه من ربّ العالمين من أجر وينشده من ثواب ورحمة لايفتر من طلبها أو يملّ من الإلحاح بالدعاء بها وكان مما يردده ويكتبه في حسابه هو ذاك الدعاء الجميل ” اللهم لاتحرمنا خيرما عندك بشرّ ما عندنا”.

أما في العمل الخيري والتطوّعي؛ فإنه أحد جنوده العاملين دون ضوضاء، لكن يعرفه الكثير من الفقراء والأيتام والأرامل يحرص على أن يوصل المساعدات والإعانات بنفسه إلى مظانّها في داخل البحرين مثلما في خارجها في مواقع الإغاثة والمجاعات لايثنيه عن ذلك حرارة صيف أو برودة ثلوج الشتاء أو اغتراب عن أهله ووطنه.

ثم أن بوبدر، حسن جناحي رحمه الله بالإضافة إلى كل تلك الأعمال النبيلة التي يتولى القيام بها قد عشق البحر وأحبّ الغوص للكشف عن أسرار الطبيعة في أعماق البحار وتصوير مشاهد خلاّبة من بديع صنع الله سبحانه وتعالى . ورأى أثناء ممارسته هذه الهواية المفضلة أن مياه البحرين تتميز بطبيعة خلاّبة وجميلة جدا وتحمل تنوّعا بيولوجيا ربما لايعرفه الكثيرون، فحمل على عاتقه أن يقدّم خدمة جليلة لوطنه يعرّف الناس والعالم بمياه البحرين الإقليمية ومافيها من مواقع وكائنات بحرية؛ فكان من أوائل أفلامه التصويرية ” رحلة بولثامة – معقولة كل ذي بالبحرين” يقترب عدد مشاهديه في قناة (اليوتيوب) الآن من المليون مشاهد. ثم توالت له أفلام أخرى هي من روائع مايمكن عرضه عن مياه مملكة البحرين وتميزها بالجمال الذي لايقلّ عن بقية بحار العالم . من عناوين تلك الأفلام مثلاً : ” رحلة غوص في البحرين” ، ” سياحة القروش” ، “رصد القرش الحوتي في بحر البحرين” ، “سلام في الظلام – غوص ليلي” ، ” حطام البوم “، ” الرحلة الأخيرة قبل نهاية العالم” وغيرها من أفلام تابعها عشرات الآلاف من شتى أنحاء المعمورة عرّفهم بوطنه مملكة البحرين الغالية حتى اكتسب حسن جناحي لقب ( سفير البحر) لروعة وضخامة الجهد الذي بذله في إخراج وتصوير كل تلك الأعمال والتحضير لها ، والبحث عن بياناتها ومعلوماتها ، وقد تستغربون أن بوبدر كان يقطع المسافات ويرتحل البلدان من أجل بحثه في هذا المجال حتى أنه سافر إلى استراليا للقاء (كابتن) المركب المقصوص القابع في مياه البحرين الإقليمية والاستماع إلى قصته والحادث الذي تعرّض له قبل أن يُخرج فيلمه المعروف ” المركب المقصوص – أشهر معلم بحري في تاريخ البحرين “. وقد كانت أغلب تلك الأعمال بمعدّاتها وأجهزتها والسفرات المصاحبة لها بجهده الذاتي ومن خالص ماله تعبيراً عن حبّه لوطنه. لم يطلب مالاً أو منصباً أو داراً أو ما شابه ذلك فرسم بذلك خطا واضحاً وناصعاً للوطنية المخلصة غير القائمة على التملّق والنفاق والتطبيل والاسترزاق وماشابهها من تشوّهات.

رحم الله حسن جناحي فقد قدّم نموذجاً مفعماً بالحيوية مليئاَ بالمقاصد الخيّرة التي تستوجب على أبنائنا وبناتنا الاحتذاء بها في حياتهم والتوجّه نحو الجدّية في أعمالهم واهتماماتهم واستغلالهم لشبابهم وأوقاتهم فيما يرضي خالقهم ويخدم وطنهم. فقد استطاع بوبدررحمه الله أن يجمع بين أعمال ومهام وهوايات واهتمامات كثيرة ومتنوّعة قد يستغرب البعض كيفية التوفيق بينها لولا أن أصحاب الهمم والعزائم العالية قادرون عليها.

سانحة :

أحسب أن هنالك أعداد ليست قليلة من أبنائنا وبناتنا الشباب أمثال حسن جناحي رحمه الله باتوا يقدّمون أعمالاً جليلة ومتميزة في مجالات متنوّعة وأصبح لهم أثر مجتمعي وقيمي يخدمون وطنهم بكل إخلاص وتضحية، يعيشون بين الناس، يقدّرونهم ويعرفونهم ويحفظون لهم منزلتهم ويتابعون إنجازاتهم .. أمثال هؤلاء لايجب أن يضيعوا في ظلّ اختلال موازين الأولويات وسطوع نجوم أنواع شتى من التافهين والفاشلين و(الفاشنيستات) وما شابههم من نواتج تعطّل البوصلة.