تخيل لو أحضرنا لاعب كرة قدم متميز ومبدع في حراسة المرمى وقمنا بزجه في صفوف المُهاجمين هل سيكون تميزه ونجاحه كما كان في الحراسة؟؟ أم أن الحراسة تتطلب مواصفات مُعينة قد لا يمتلكها لاعب الهجوم؟؟ طيب تخيل لو قمنا بوضعه في مجال مُختلف تماماً عن الحراسة مثل رياضة التنس أو السباحة هل سيتميز فيها؟؟
أتوقع أن الاجابة واضحة على هذا السؤال وهو أن لكل انسان نقاط قوة ومجالات تصلح له وتتناسب معه لو اتجه إليها وقام بالتدريب وكثرة الممارسة فيصل الى مرحلة التميز والابداع فيها، بشرط اكتشاف نقاط القوة مُسبقاً ومعرفة المجالات التي يمكن التوجه لها والنجاح فيها، وكذلك الأمر بالنسبة للتخصصات الجامعية.
والمؤسف في هذه المسألة أن هناك جهات متخصصة في اكتشاف المواهب الرياضية والتعرف عليها وخبراء في هذا المجال، ولا يوجد مثلهم جهات تقوم بنفس الدور لاكتشاف الطلبة المميزين في مختلف المجالات وتوجيههم الوجهة الصحيحة.
فهناك من يمتلكون القدرة على النجاح والتميز في مجال الطب البشري ومنهم في تخصصات الهندسة على اختلافها وأخرون في مجال البرمجة والأدب والتاريخ وغيرها من المجالات، ولا يكاد الطالب يحصل على نصائح من المجتمع المحيط به تتعلق بنقاط القوة التي يمتلكها وما هي المجالات التي لو اتجه لها فسيحقق أعلى النجاحات فيها.
وكم يؤلمني عندما أقابل طلبة مُتميزين ومُتفوقين في مُختلف المواد الدراسية ويمتلكون الثقة بالنفس والقدرة على الخطابة ثم لما يصلون لمرحلة الجامعة يُخفقون في اختيار المجال المناسب لهم.
ولو كان الأمر بيدي لأخضعت جميع الطلبة المُتقدمين للجامعة والمُتخرجين من المدرسة الى برنامج مُكثف ينخرط فيه الطلبة في مجموعة من الأنشطة والاختبارات المهنية والشخصية، والتي تساهم في اكتشاف المجالات التي يميلون لها ويمتلكون الاستعداد للنجاح فيها مستقبلاً، وليس الكلام هنا عن فئة يظهر لديها المواهب بشكل بارز ويتم دعمها إنما كلامي لجميع الطلبة.
فهناك الكثير من الطلبة في المدارس ممن يمتلكون الاستعداد لمهارات ومجالات كثيرة لكن لم تتح الفرصة لاكتشافها أو ابرازها، وهذا عامل مهم كذلك في دلالة الطالب على نمط الدراسة التي تصلح له سواء الدراسة الأكاديمية أو المهنية أو غيرها وتختصر عليهم سنوات من التنقل بين الجامعات والتخصصات.
كما سيساهم اكتشاف نقاط القوة لدى الطلبة وارشادهم للمجالات التي تتناسب معهم إلى تقليل أعداد العاطلين عن العمل والخريجين في المجالات التي لا يصلحون لها على المدى البعيد، ابتداءاً من توجيه طلبة الصف الثالث الإعدادي لاختيار المجال المناسب لهم في المرحلة الثانوية، وانتهاءاً بتوجيه طلبة التوجيهي لاختيار المجال المناسب لهم بعد التخرج.
وأختم بنصيحة للمُربين والقائمين على توجيه الطلبة ذكرها الأستاذ علي الشبيلي وفقه الله في حسابه في تويتر حيث قال: “من المهم لكل مربٍّ أن يتعلم فن اكتشاف الطاقات ليكن له سهم في توجيه إنسان: لماخُلق له..“
وفق الله المربين والقائمين على توجيه الطلبة لهذا الدور الحيوي ووفق الله جميع الطلبة لما يصلح لهم من مجالات وتخصصات